مثلاً: عندما يتحدث المقريزي في الخطط أنه عثر في بعض المقابر وأخرج منها جمجمة عظيمة، ووضعت على عجلة يجرها ثوران مثلاً كقضية من القضايا.
وعندما يتحدثون أنه كان في الإسكندرية ضرس إنسان عند قصاب يزن به اللحم زنته ثمانية أرطال!
وعندما يذكر -وهذه إشارات فيه نوع من الأهمية ثبتت- أن أعمدة الإسكندرية بناها من قوم عاد رجل يقال له: البتون بن مرة العادي , وأنه حملها من جبل جهة أسوان حتى أوصلها إلى هناك.. هذا كلام؛ لكن هل نرى له احتمالية؟!
سنرى فيما بعد أن عمالقة من قوم عاد وثمود كانوا هم الذين حملوا الحجار الضخمة تحت إبطهم, وقد يكون بالعربات، المهم حملوها من المناطق التي تبعد مئات الكيلومترات من مقاطع أو محاجر الأهرام؛ حتى بنوا بها الأهرام, وبنو منها منارة بـالإسكندرية, وبنوا منها آثار تدمر , أو بنوا منها آثاراً بـ اليمن .
الحقائق هذه كلها تؤكد في النهاية أن أصل الحضارة هو جزيرة العرب، وأن الجزء الجنوبي من هذه الجزيرة الطيبة المباركة هو أصل الحضارة العالمية، وأول ناطحات سحاب بنيت -ولا تزال موجودة ومبنية- في اليمن ، وما يوجد في الشام و العراق فهو لأن هذه الشعوب -ومنها الكنعانيون والفينيقيون وغيرهم- أصلاً هاجروا من اليمن ، والتشابه في الأسماء الموجودة وبوضوح في اللغات ما بين اللهجة اليمنية وأماكن في صنعاء وما حولها، وبين ما يوجد في الشام و العراق وغيرها هو أيضاً مما يدل على أن أصل الحضارة المعروفة والمشاهدة: هو في هذه الجزيرة, وفي جنوبها بالذات.
المقصودك أنه ذكر أسماء وأعمدة مأرب و بينون ومآثر اليمن .. إلى آخره، كل هذا مما يدل على أن هناك قدراً من الحقيقة.
ثم يقول المقريزي رحمه الله: وكأني بمن قل علمه ينكر علي إيراد هذا الفصل -بعدما ذكر فصلاً طويلاً في هذا- ويراه من قبيل المحال, ويكذب به, لا يوحشنّك ذلك! اسمع قول الله تبارك وتعالى عن عاد قوم هود: (( وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً ))[الأعراف:69], أي: طولاً وعظم جسم, وقال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: [كان أطولهم مائة ذراع, وأقصرهم ستين ذراعاً].
(( وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً )), قيل: كانت على خلق آبائهم, وقيل: على خلق قوم نوح، ويحتمل أنه زادهم في الخلق عن الأمم المحيطة بهم، ثم ذكر أيضاً وهب بن منبه و ابن لهيعة وغيرهم أن الوحوش كانت تضع أولادها في قحف العين للعماليق!
على كل حال إذا كانوا بهذا الطول؛ فلا يستبعد أن الوحوش فيما بعد إذا وجدت مقبرة تضع أولادها في مثل هذا؛ ولا غرابة, وقد كان الناس -كثير منهم- لم يصدقوا أن أبا عبيدة رضي الله تعالى عنه جمع بعض الصحابة في قحف عين الحوت، أو أن البعير سار من تحت ضلعه، والآن اكتشف الناس وعرفوا أن الحوت الأزرق هو أضخم من الفيل بعشرة أضعاف! وأن هذا الكلام عادي جداً, كما وقع في أيام الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وهكذا تتضح الحقائق ولو بعد حين.
أضف تعليقا
تنويه: يتم نشر التعليقات بعد مراجعتها من قبل إدارة الموقع